سيدة البورصة ربى مسروجي.. تخطت "حواجز زجاجية" للوصول الى نشوة النجاح<br/>
اختارت سيدة الأعمال ربى مسروجي الرئيس التنفيذي للشركة المتحدة للأوراق المالية العمل في مجالات الوساطة المالية والبورصة التي يخشاها الرجال، فهي طريق صعب معبد (بالحواجز الزجاجية) للوصول الى نشوة النجاح.
تدير ربى الشركة منذ عدة سنوات، لكنها دخلت سوق المال والاقتصاد قبل 18 سنة، وشجعها على ذلك كونها تنحدر من أسرة لها باع طويل في هذا المجال, فقد شاءت الظروف ان تتولى قيادة الشركة عندما كانت تمر بأزمة ومشاكل كبيرة، الا انها تمكنت من التغلب على هذه المشاكل.
تواصل ربى طريقها، دون أن تنسى انها أم لثلاث بنات وعليها واجبات والتزامات اجتماعية، وهي حاصلة على درجة الماجستير في ادارة الأعمال من جامعة بيرزيت وتنوي مواصلة تعليمها.
3 مليارات دولار حجم الاستثمار
وفي لقاء مع "حياة سوق" تحدثت ربى عن بداية تعاملها مع الأسهم والبورصات والصعوبات التي واجهتها في السنة الاولى من توليها مسؤولية ادارة الشركة لاعتبارات انها أول امرأة تقود شركة مالية.
وتقول: العمل في الوساطة المالية يتطلب الصبر وقدرة على تحمل أي مفاجأة مالية قد تضرب الأسواق المالية العالمية والمحلية.
واعتبرت ربى ان بورصة فلسطين ورغم حداثة تأسيسها وعملها، الا انها تمكنت من التفوق والصمود، وامتلاك برامج وأدوات لا تتوفر في كثير من البورصات العربية، مشيرة إلى أن حجم الاستثمار في البورصة الفلسطينية التي يتم فيها تداول أسهم 48 شركة بينها 5 شركات كبرى يصل إلى حوالي 3 مليارات دولار, غير ان البورصة التي شهدت انتعاشا في التداول منذ عدة سنوات، تعاني من ضعف السيولة نتيجة عدم قيام معظم المستثمرين بالشراء.
الظروف ساعدتني
وتتابع ربى: اخترت ان ابدأ من الصفر رغم وجودي بين أسرة اقتصادية، كي أشعر بطعم النجاح، ولأنني أعشق المغامرات والعمل الشاق للوصول الى غايتي وأهدافي. وتضيف: لم تكن بداية عملي عام 2005 في الشركة كمديرة أو رئيس تنفيذي لها، بل بدأت كموظفة، لكن شاءت الظروف ان تتعرض الشركة المتحدة للأوراق المالية لعاصفة، وفي نقطة معينة اتيحيت لي الفرصة ان اتحرك لانقاذ الشركة التي كانت شركة مساهمة ولم تكن ضمن مجموعات شركات والدي، وبفعل تراكم سنوات الخبرة لدي ومن خلال الجهد والتعب تمكنت من التغلب على هذه المشاكل التي لم تنته هنا بل صادفتها ايضا عندما لم يتقبل العاملون في هيئة رأس المال والبورصة وجود امرأة تدير شركة مالية، وفي البداية لم يكونوا متعاونين معي، وطوال عام كامل من الاختبار طلب مني ان اكون قائما بأعمال مدير عام الشركة.
وتتابع: عمل الوساطة المالية يختلف عن بقية الأعمال لأنك تكون تابعا للبورصة لا لنفسك، والرقابة عليك تكون من هيئة سوق رأس المال والبورصة بمعنى انني بقيت عاما كاملا تحت المجهر الى ان قبلت ان أكون رئيسا تنفيذيا للشركة التي اصبحت في هذا العام من أفضل الشركات العاملة في الأوراق المالية.
الواجبات الاجتماعية
تقول ربى: طريق النجاح ليس معبدا بالورود، بل بالحواجز والمعيقات والسهر والتعب، فأنا أستيقظ مبكرا، وأمضي سحابة نهاري الطويل في ادارة الشركة، وعندما أعود للمنزل أعمل على توفير متطلبات بناتي وزوجي، ولا أنام قبل ان أنهي جميع أعمالي.
وتضيف: أكرس يوم العطلة الأول للأسرة والمنزل، واليوم الثاني للزيارات الاجتماعية، ولا أفوت أي مناسبة اجتماعية خاصة تقديم واجب العزاء حرصا على التواصل مع المجتمع. وتتابع: طبيعة عملي تتطلب السفر وكذلك عمل زوجي، لذا نحاول التوفيق بألا يكون سفرنا معا كي لا نترك بناتنا.
وتؤكد انها وجدت كل الدعم والمساندة من زوجها وتنوي استكمال تعليمها لنيل شهادة الدكتوراة.
نظرة نمطية للمرأة القيادية
وتعتبر ربى ان المجتمع يتعامل مع المرأة بصورة نمطية خاصة عندما تكون في وظيفة مرموقة، مشيرة الى أنها وجدت صعوبة بداية الأمر من قبل زملائها الشباب في الشركة، لكنهم اقتنعوا بعد ذلك. وتشير ربى الى صعوبة في التعامل مع الرجال خلال الاجتماعات، فهذا الحاجز الزجاجي من الصعب اختراقه، كما ان المرأة المسؤولة تجد صعوبة في التنقل من مكان لآخر والسفر بعكس الرجل.
وتقول: باختصار فإن المعيقات تكمن في عقولنا لأننا نضع هذه الحواجز أمام تحقيق النجاحات, ناهيك عن ان العمل في الوساطات المالية مرهق نفسيا وجسديا، (فالزبون) يريد ان يربح دائما ويغضب عندما يخسر في الأسهم, لكن مع التدريب والخبرة والوقت تغلبت على هذه الأمور بشكل أفضل بفعل تراكم سنوات العمل، وأرشد (الزبائن) إلى افضل طرق الاستثمار بالأسهم، وان أي عملية معرضة للمغامرة (الربح أو الخسارة).
وعن وضع البورصة الآن تقول: البورصة الآن قليلة المردود، لأن على المتعاملين الانتظار لفترة طويلة لتحقيق الأرباح، كما أن الكثير من المستثمرين ليس لديهم الصبر الكافي ويريدون تحقيق الأرباح خلال فترة قصيرة، اضافة إلى أن قسما كبيرا من المستثمرين يشترون الأسهم ويرفضون بيعها بأقل من سعر الشراء.
ارشاد المستثمرين
تقول ربى: من أجل عدم المغامرة وتسجيل خسارة يجب التحوط، بمعنى ان على المستثمر عدم الاستثمار في سوق مال واحد أو شراء أسهم شركة واحدة، أو الاستثمار بكل ما يملك، بل عليه ان يبقي مبلغا من المال بعملات مختلفة (الدولار واليورو والدينار وغير ذلك)، وهذه الارشادات والنصائح نقدمها دائما للمستثمرين, بمعنى ضرورة تنوع المخاطر والاستثمار في سلة مالية متجانسة فيها من كل الأسهم.
وتضيف: في عالم الأسهم هناك مخاطر عالية ومتوسطة وصغيرة.
شفاء البورصة تأخر
وحول واقع الأسواق المالية العالمية تقول ربى: الأزمة المالية العالمية بدأت تعصف بالأسواق منذ عام 2006، ما أدى الى ضعف في السيولة النقدية، ومعظم الأسهم يتم تداولها بأقل من قيمتها الدفترية، وهذا ظلم للشركات.
وتضيف: أما فلسطينيا، فان البورصة تشهد حالة هجرة من قبل المستثمرين لاعتقادهم أن نسبة المخاطر فيها عالية، وكذلك تأثرهم بما يروج من غير الرابحين، فالمستثمر الرابح لا يتحدث عن ربحه بل عن خسارته خوفا من الحسد وغير ذلك. وتتابع ربى: فلسطين تأثرت بالأزمة المالية العالمية لأن سوق المال تطور بسرعة وأصبح مثل "البالون الكبير القابل للانفجار"، وهذه الأزمة أدت إلى تأخير شفاء السوق الفلسطينية، بمعنى ان سوقنا لم تتأثر مباشرة بالأزمة الاقتصادية العالمية، بعد ان اصبحت البورصة الفلسطينية من كبريات البورصات في المنطقة، لكن بما ان فرص الاستثمار أصبحت متاحة في بورصات عدة والسهم فيها رخيص، فقد أثر ذلك على حجم السيولة النقدية في البورصة عندنا, مع ذلك فإن نسبة كبيرة من المستثمرين الجدد يدخلون السوق، وعدد المستثمرين يزداد يوميا ويدلل على ذلك حجم القيمة السوقية للشركات في البورصة التي تبلغ نحو 3 مليارات دولار لنحو 50 شركة مدرجة في كافة القطاعات، وهذا الرقم جيد. وخلصت مسروجي للقول: كلي تفاؤل وأمل بمستقبل البورصة التي تعتبر "مرآة الاقتصاد" لأن البورصة الفلسطينية أفضل من البورصات العربية من حيث التكنولوجيا وتطوير أنظمة الرقابة وبعض البورصات العربية والدولية تسعى للاستفادة منها.